{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}
وأن العمل مهما قلّ سيحفظ لصاحبه.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} .
وأنه سبحانه مطلع على جميع الأعمال ظاهرها وخفيها وسيجزي عليها
{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} .
{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} .
والأمر الذي معنا يشمل كل خير يخطر على البال، ثم يبين سبحانه أن الحكمة في هذه الأوامر هي إرادة الخير والفلاح لمن يحافظ عليها فيقول:
{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
و {لعّل} في أصل وضعها تفيد الشك والرجاء والتوقع، وهذا يليق بحال المخاطبين وكأنه سبحانه يقول افعلوا الخير وأنتم ترجون وتتوقعون الفلاح.
أو تكون {لعل} للتعليل فحسب مجردة عن الشك والرجاء، وهذا يليق بجانبه سبحانه وكأنه يقول: "افعلوا الخير لتنالوا الفلاح".
والمقصود بالفلاح الفوز والبقاء والنجاة، النجاة من عذاب الله، والفوز برضاه والبقاء في رحمته وجنته، ومنه قوله سبحانه {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} . أي فازوا ونجوا، ومنه الدعوة في الأذان حيّ على الفلاح أي أقبلوا على ما فيه فلاحكم وفوزكم ونجاتكم.
الأمر الثاني قوله سبحانه {جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} . أي جاهدوا في ذات الله من أجل مرضاته جهادا حقا. والجهاد مأخوذ من الجُهْد (ضم الجيم وفتحها) وهو الطاقة والوسع، أي ابذلوا جهدكم أي طاقتكم ووسعكم في الله من أجل مرضاته بذلا حقا وصدقا.
والضمير في قوله: {حَقَّ جِهَادِه} راجع إليه سبحانه أي حق جهاد الله، وإضافة الجهاد إليه سبحانه لاختصاصه به، فالجهاد مختص بالله لأنه مفعول من أجله ولوجهه، ولذلك صحت الإضافة إليه.