للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهادة الأمة على الناس تحتمل معنيين: أولهما أن المقصود بالناس الأمم السابقة على أمة محمد عليه الصلاة والسلام فأنتم تشهدون للأنبياء على أممهم يوم القيامة بأنهم بلَّغوا الرسالة، وأدَّوا الأمانة، يشهد لهذا المعنى ما أخرجه البخاري رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلَّغت؟ فيقول نعم. فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير. فيقول: من يشهد لك؟. فيقول محمد وأمته. فيشهدون أنه قد بلَّغ". وقد ذكر هذا الحديث مطولا في غير البخاري وفيه ردود على الاعتراضات التي تخطر بالذهن عند سماعه ففيه. فتقول تلك الأمم: "كيف يشهد علينا من لم يدركنا؟. فيقول لهم الرب سبحانه: كيف تشهدون على من لم تدركوا؟. فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولا. وأنزلت إلينا عهدك وكتابك، وقصصت علينا أنهم قد بلغوا، فشهدنا بما عهدت إلينا فيقول الرب: صدقوا".

والمعنى الثاني أن المقصود بالناس أفراد الأمة المحمدية، أي أن بعضهم يشهد على بعض بعد الموت.

يؤيد هذا المعنى ما أخرجه مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه مرت جنازة فأثني عليها خير، فقال عليه الصلاة والسلام: "وجبت وجبت وجبت". ثم مُرّ عليه بأخرى فأُثني عليها شر. فقال: "وجبت وجبت وجبت". فسأله عمر رضي الله عنه في ذلك. فقال: "أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض".