وهذا الواجب يتقاسمه الوالدان بصفتيهما الأبوية، ويشاركهما في هذا الواجب أب روحيّ وهو المدرس، فإذا شعر بمسئوليته تجاه الله والمجتمع، عرف أن التربية أمانة في عنقه، وأن جزاءها تضعيف الأجر؛ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَة}[١١] ، فالآباء هم القدوة للأبناء؛ إذ يقلدونهم في سلوكهم الحسن منه أو الرديء، فليكن الأب لابنه مصباح هداية، وليحذر أن يكون مفتاح غواية، وللموعظة الحسنة أثرها بجانب السلوك السوي، وخير ما نلقنه للأبناء وصايا الرحمن على لسان لقمان لابنه؛ فهي تجمع بين الإيمان والتوحيد، والدعوة إلى الخلق القويم، {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ... يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ، وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[١٢] .
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم وصايا عديدة، من اقتدى بها حصل على مزايا جليلة [١٣] ، يقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في وصية له:"اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة؛ اصدقوا إذا حدثتم، وأدوا الأمانات إذا ائتمنتم، وأوفوا بالعهد إذا وعدتم، غضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفّوا أيديكم"[١٤] ، إن هذه الوصية الجليلة من جوامع الكلم، تجمع آداب السلوك الاجتماعية اللازمة لسعادة البشرية.
فالله خلق الإنسان وأنشأ له الإرادة، فعليه الاختيار إما أن يفعل الخير فيصير من الأبرار، وإما أن يفعل الشر فيصبح من الأشرار، والجزاء معروف؛ فلهذا الجنة ولذلك النار.