للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد العرب عامة، ولا محمّد صلى الله عليه وسلم قبل نبوته خاصة بمعرفتها، ولا القيام بها...

ومنها: جمعه فيه بين الدليل ومدلوله..

ومنها: أنْ جَعَله في حيّز المنظوم الذي لم يعهد...

ومنها: تيسيره تعالى حفظه لمتعليمه، وتقريبه من متحفظيه..

ومنها: مشاكلة بعض أجزائه بعضا، وحسن ائتلاف أنواعها، والتئام أقسامها.

ومنها: الجملة الكثيرة التي انطَوَت عليها الكلمات القليلة.

وختم القاضي عياض هذا الفصل بقوله: "وهذا كلّه كثير مما ذكرنا أنه ذكر في إعجاز القرآن إلى وجوه كثيرة ذكرها الأئمة لم نذكرها، أكثرها داخل في باب بلاغته".

وكأنّه وجد أن هذا السَّرد سيُخرجه عن نطاق البحث؛ فاستدرك قائلا: "فلا نُحبّ أن يُعدّ فنّاً منفرداً في إعجازه إلا في باب تفصيل فنون البلاغة، وكذلك كثير مما قدّمنا ذكره عنهم يُعدّ في خواصّه وفضائله، لا في إعجازه.

وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة التي ذكرنا فليعتمد عليها، وما بعدها من خواصّ القرآن وعجائبه التي لا تنقضي...".

هكذا رأينا أن القاضي عياض - في بحثه عن الإعجاز القرآني - قد جَمع الوجوه جميعها، ونَقَل كل ما ذكره العلماء الراسخون في العلم، المبتكرون لأصوله، الذين كدّوا واجتهدوا؛ جَمَع جهودَهم وحصيلة أبحاثهم وخلاصة نتاجهم، ووَضَعها جَنباً إلى جَنب، أردف ما قاله الثاني إلى ما قاله الأول.. وكان حصيلة جمعه خلاصة ما قيل عن الإعجاز القرآني من آراء، وما كتب من بحوث منذ القرن الثالث الهجري حتى عصره.

وقلنا إن هذا العمل لا يرمي إلى مرتبة الإبداع، وإنما هو جمع وانتخاب وتلخيص وتهذيب؛ يظهر من خلاله كثرة قراءات الرَّجل، وسَعة اطّلاعه وصبره أيضا.