واستقرّ رأي كل من طارق بن زياد وموسى بن نصير على القيام بمسح شامل لسائر الأراضي الأسبانية التي لم تفتح بعد، ونشر الإسلام بين ربوعها، وتطيهرها تطهيرا شاملا من جيوب القوط وفلولهم، وأثبت موسى بن نصير بذلك أنه ما زال يولي طارق بن زياد ثقته المطلقة.
وأتبع موسى هذه الخطوة بعمل إداري رائع لتنظيم أحوال البلاد؛ فأمر - وهو في طليطلة - بضرب عملة ذهبية دفع منها رواتب الجند العاملين تحت إمرته، ويعتبر سكّ هذه العملة الذهبية دلالة على سيطرة موسى بن نصير على الأوضاع في تلك البلاد الأوربية الجديدة، وعلى مهارته الفائقة في بناء إدارة عربية مستقرة الأركان في أسبانيا منذ الأيام الأولى للفتح الإسلامي بها، وكانت هذه العملة الذهبية على غرار العملة التي سكّها موسى بن نصير في بلاد المغرب؛ فكان على وجه هذه العملة اسم (محمد رسول الله) ، وعلى الوجه الآخر نجمة ذات ثمانية أذرع، وإلى جانب ذلك أمر موسى بن نصير بضرب عملة برنزية صغيرة لمساعدة الناس في تسهيل عملياتهم اليومية.
وبعد أن أتمّ موسى بن نصير تنظيماته الإدارية استأنف الجهاد، واتفق مع طارق ابن زياد على الزحف معا نحو الشمال الشرقي لفتح حوض نهر الإبرو وما فيه من مدن، واشترك طارق مع موسى في هذه الحملة لأن المقاومة الشديدة التي سبق أن أظهرها القوط حملت القيادة الإسلامية على جمع جهودها وتنسيق أعمالها بما يجنب المسلمين الأخطار مرة أخرى.