فيجب أن نعدّ الدعاة الذين يفون بالمطلوب لدعوة الإسلام اليوم في ميدانها الدفاعي والتبليغي، وهنا نتساءل: هل أدّى المسلمون حق دينهم عليهم، وهم يعلمون أنه الحق من ربهم؟ الحق أن المسلمين مقصّرون متهاونون في أداء هذا الواجب الذي يفرضه الدين عليهم، إن الدين دعوة، ولابدّ لهذه الدعوة من دعاة يبلغونها إلى الناس، ويكشفون لهم عن وجه الحقائق فيها، وهذه هي الحكمة من إرسال رسل الله إلى الناس مع ما يحملون إليهم من رسالات الله، وإلا لوقف الرسول بمهمته عند وضع الرسالة بين أيدي الناس دون أن يقطع عمره كله واقفا عليها، مناعا عنها، متحملا الأذى والضر في سبيلها، ثم كيف يكون هذا موقفنا والله قد أناط بنا حمل أمانة الدعوة إلى دينه؟ فقال جل وعلا:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[٢٣] .
والدعوة إلى دين الله أمر مطلوب من كل مسلم، وذلك بسيرته المحمودة في الناس، وبخلقه الكريم، وسلوكه الطيب الذي يراه غير المسلمين عنه، في أقواله وأفعاله؛ فإن الدين بأهله، والناس إنما ينظرون إلى الدين فيما يرون من آثاره في المتدينين به، قبل أن ينظروا إليه في حقائقه،؛ فينبغي على أولي الأمر في الأقطار الإسلامية أن يحسنوا اختيار المبعوثين إلى أوربا وأمريكا من الطلاب وغيرهم؛ لأنه كثيرا ما يسيء هؤلاء المبعوثين إلى الإسلام بسوء سلوكهم، ويصيرون أخطر على الإسلام من أعدائه.
أما الدعاة المتخصّصون العاملون في الميدانين الدفاعي والتبليغي فيجب عليهم أن يبينوا للناس حقائق الإسلام؛ لأن بيان هذه الحقائق كاف لإخماد أصوات أعداء الإسلام مهما كانت مرتفعة، كما أنه كاف لإحباط خطط هؤلاء الأعداء الذين يقف المستشرقون في مقدمتهم.