ففكرتهم أو مبدؤهم هو أنه لا وجود لله، ودليلهم أن الله لم تره أعيننا، وحيث إن الأمر كذلك فهو غير موجود.
نقاش وإبطال:
إننا إذ نناقش هذا الدليل نجد أن بطلانه أهون من أن يوجه إليه طعن، وأن انهياره ليس بمحتاج لعناء.
فنقول: إذا كان لا بدّ من رؤية كل موجود، وأن الشيء الذي لا يُرى لا يكون موجودا فماذا تقولون في الروح التي بها حياة الفرد هل هي موجودة مع كونها لم تُر، أم أنها ليست موجودة؟ إن قلتم بالأول فقد غايرتم بين الموجودات في صفة هي مردّ الحكم، وإن قلتم بالثاني فقد ادّعيتم إفكا وزورا؛ لأنها موجودة بالضرورة؛ إذ بها تكون حياة الفرد. والعقل الذي به نفكر وندرك هل موجود أو معدوم؟ إن قلتم إنه معدوم فقد افتريتم كذبا وقلتم بهتانا وإدا، وإن قلتم إنه موجود - ولا مناص لعاقل أن يقول غير ذلك - فهل ثبتت لديكم رؤيته، أم أنكم تقولون بوجوده والحال أنكم لم تروه؟ فإن قلتم بالأول فالواقع يصفع عقولكم ويبطل دليلكم، وإن قلتم بالثاني فقد أقررتم بوجود شيء لا نستطيع رؤيته، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تعترفون بحكم بالنسبة لأمر وتنكرونه بالنسبة لآخر؟ وهو أن بعض الموجودات لا يمكن رؤيتها، وبذلك يكون الله تعالى موجودا ومع ذلك لا تراه الأبصار {لا تُدْرِكُهُ الأََبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأََبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .
تعصب ممقوت:
إن ماركس وأتباعه الذين اتخذوا الشيوعية لهم عقيدة ومبدءا لا يواكبون مسار العلم والعقل، بل يشايعون التعصّب للباطل ومظاهرة الضلال والجهل؛ إذ من القواعد العامة والأمور الثابتة التي لا تقبل نقاشا ولا جدلا أن الأشياء إذا كانت لها صفة توفرت فيها جميعها يكون الحكم عليها باعتبار تلك الصفة واحدا، وتخصيص فرد منها بحكم دون الآخر تعصّب ممقوت وتحيّز مردود.