وقد مزجت أفواهها بدمائها
وما نام طرف في حماها ولا أغفا
أنوماً وإغفاء على سنة الكرى
فلا وزراً عنهم وحداً ولا لهفا
أحاط بنا الأعداء من كل جانب
أقام عليها الكفر يرشفها رشفا [٨]
ثغور غدت مثل الثغور ضواحكا
فهو يبدأ قصيدته بكلمة ((إخواننا)) لإثارة الحمية والعطف في نفوس المخاطبين إدراكا للإسلام الذي كاد الكفر يطفئ نوره وقد بلغ الأمر مبلغه من الشدة والحرج ولم يعد ممكن الاحتمال، وها هو الدين يبسط لكم كفه مستنجدا بعد أن مد الأعداء أياديهم إلى راياته، وبسطوا سطوته على أهله، وعاثوا في الأندلس فسادا، وأذاقوا أهلها ذلا واضطهادا، فمن ظمئ منهم لا يجد إلاً كأس المنية مشربا، فلم النوم والإغفاء وبلاد الإسلام لم ينم لها طرف ولا غفا لها جفن وها هم الأعداء قد أحاطوا من كل جانب ولا معين ولا نصير.
وفي البيت الأخير يشير إلى ما عليه ثغور الإسلام من رونق وجمال، وكأنها بذلك تطمع الأعداء فيها، وتغريهم بالهجوم عليها، ولما شبهها بالثغور رشح ذلك أن يقول:
ثم بين الصلة التي تجمعهم والحبل الذي يربطهم والعروة التي يعتصمون بها فقال:
من الملأ الأعلى تقربنا زلفى
وسيلتنا الإسلام وهو أخوة
وذلاً وقد عذنا بعز من استعفى
أخوفاً وقد لذنا بجاه من ارتضى
يجير من استعدى ويكفي من استكفى
فهل ناصر مستبصر في يقينه
فلا مشتر أولى من الله أو أوفى
وهل بائع فينا من الله نفسه
وكيف لضوء الصبح في الأفق أن يخفى
أفي الله شك بعد ما وضح الهدى
قبائل منكم تعجز الحصر والوصفا
وكيف يعيش الكفر فينا ودوننا
ليوث نزال كلما حضروا الزحفا
غيوث نوال كلما سئلوا الندى
وهبوا لنصر الدين فينا فقد أشفى [٩]
فقوموا برسم الحق فينا فقد عفى