ثم إنهم بعد اتفاقهم على أن تأثير الألف والنون لأجل مشابهة ألف التأنيث اختلفوا، وقال الأكثرون تحتاج إلى سبب آخر ولا تقوم بنفسها مقام سببين كالألف لنقصان المشبه عن المشبه به وذلك الأخر إما العلمية (كعمران) وإما الصفة كما في (سكران) .
وذهب بعضهم إلى أنها كالألف غير محتاجة إلى سبب آخر فالعلمية عندهم في نحو (عمران) ليست سببا بل شرط الألف والنون، إذ بها يمتنع عن زيادة التاء وهذا الانتفاء هو شرطها سواء كانت مع العلمية أو الوصف والوصف عندهم في نحو (سكران) لا سبب ولا شرط، والأول أولى لضعفها فلا تقوم مقام علتين.
هل المؤثر انتفاء التاء أم وجود فعلى؟
الرأي السائد أن المزيد بالألف والنون إنما يمنع من الصرف بشرط ألا يكون مؤنثه بالتاء، فانتفاء التاء هو الشرط الضروري للمنع من الصرف.
وقول بعضهم إن الشرط هو أن يكون مؤنثه على فعلى أي يكون مؤنثه على غير لفظه، قال ابن الحاجب في الكافية عارضا هذين الرأيين (أو صفة فانتفاء فعلانة وقيل وجود فعلى ومن ثم اختلف في رحمان دون سكران وندمان) قال الرضي معقبا عليه: وقوله: (وقيل وجود فعلى) والأول أولى لأن وجود (فعلى) ليس مقصوداً لذاته بل المطلوب منه انتفاء التاء، لأن كل ما يجئ منه (فعلى) لا يجئ منه فعلانة في لغتهم إلا عند بعض بني أسد فإنهم يقولون في كل فعلان جاء منه فعلى: (فعلانة) أيضا نحو: غضبان وسكران فيصرفون إذن (فعلان فعلى) وهذا دليل قوي على أن المعتبر في تأثير الألف والنون انتفاء التاء لا وجود فعلى، ثم يدلل على قوله ببعض الألفاظ التي لا يكون مؤنثها على (فعلى) ومع هذا فهي ممنوعة من الصرف.