فأعاد قوله {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} بعد قوله {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} - لا لتقرير الأول، بل لغرض آخر..
لأن معنى الأول: الأمر بالإخبار أنه مأمور بالعبادة لله والإخلاص له فيها.
ومعنى الثاني: أنه يخص الله وحده دون غيره بالعبادة والإخلاص، لذلك قدم المفعول على فعل العبادة في الثاني، وأخَر في الأول.. لأن الكلام أولا في الفعل، وثانيا فيمن فعل لأجله الفعل.
قال البلاغيون: إنما يحسن سؤال الحكمة عن التكرار إذا خرج عن الأصل. أما إذا وافق الأصل فلا.. ولهذا السبب لا يتجه سؤالهم:
لم كرَرً (إيًاك) في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نقول: إنما كررت لغرض عظيم هو التأكيد.
ونقول أيضا: إنما كررت لارتفاع أن يتوهم-إذا حذفت- أن مفعول (نستعين) ضمير متصل واقع بعد الفعل، فتفوت إذْ ذاك الدلالة على المعنى المقصود، بتقديم المعمول على عامله.. هكذا قال النحويون.
وقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى بالأسباب التي من أجلها كررت الأقاصيص والأخبار في الكتاب العزيز فقال: