وكانت فريضة الله في الجهاد ألاّ يفر مؤمن من عشرة كفار حيث بقول الله عزّوجل:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} , ثم خفّف الله عن المسلمين, وفرض عليهم ألاَّ يفرَّ مؤمن من كافِرَيْنِ, وفي ذلك يقول:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} . على أنَّ الإسلام جعل الفرار يوم الزحف من الموبقات فقد روى البجاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اجتنبوا السبع الموبقات؟ قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولِّي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات". وقد استثنى الله عزّوجل أهل الكتاب؛ فمنع قتالهم إن أدّوا الجزية عن يد وهم صاغرون, كما أمر رسور الله صلى الله عليه وسلم بقبول الجزية من مجوس هجر مع بقائهم على دينهم كذلك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتال النساء والصبيان, حتى قال مالك والأوزاعي - رحمهما الله -: "لا يجوز قتل النساء والصبيان بحال حتى لو تترس أهل الحرب بهم". غير أن أكثر أهل العلم يقولون:"إن قاتل واحد من هؤلاء أو تترس به الكفار جاز قتله". وأكثر أهل العلم يفسّرون قوله تعالى:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يفسرون قوله: {لا إِكْرَاهَ