(فلما علم بالضرورة والتجربة والمشاهدة ما يترتب على شاربه غالبا من الضرر في صحته وعقله، وقد شوهد موت وإغماء وغش، وأمراض عسرة كالسعال المؤدي إلى مرض السل الرئوي ومرض القلب، والموت بالسكتة القلبية، وتقلص الأوعية الدموية بالأطراف، وغير ذلك مما يحصل به القطع العقلي: أن تعاطيه حرام.
فإن العقل الصريح –كما يقضي ولابد بتعاطي أسباب الصحة والحصول على المنافع- كذلك يقضي حتما بالامتناع عن أسباب المضار والمهالك والمبالغة في مباعدتها، لا لا يرتبا في ذلك ذو لب ألبتة) [٣] ١هـ.
ولبيان أهمية هذا العامل في التحريم القاطع –سوف نعود إليه بشهادات من الأطباء المختصصين، ليعلم عشاق الموت البطيء: أننا لا نخيفهم بأكثر مما يخيفون به أنفسهم بالفعل- لا بالكلام!
ثانيا: إتلاف المال:
وإتلاف المال بسبب التدخين عملية خطيرة ذات شقين: أولهما: خطر التدخين على المال الشخصي أو الفردي وثانيهما: خطر التدخين على الاقتصاد القومي.
وبالنسبة للخطر الأول يعتبر التدخين ثغرة مفتوحة تتسرب فيها أموال طائلة ينفقها المرء يوميا بغير حساب، وينفقها في المقام الأول لإضعاف بدنه وإفساد صحته، فيدخل في عداد السفهاء الذين يجب فرض الحجر عليهم ومنعهم من حرية التصرف الفاسد بأموالهم، ثم إنه يحظى بصحبة شريرة وصداقة سخيفة مع نوع من أرذل مخلوقات الله وهم الشياطين:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}[٤] وهذه الأخوة الشيطانية خليقة أن تجعل كل مدخن يستحي من ربه، ولا يستمرئ هذه الهواية التي هي عين الغواية، وأن يتوقف منذ اللحظة عن تعاطي هذه اللفائف التي هي أبوا ب الفساد والإتلاف. إذ لا شك أن المدخن يبتاع بماله ما يدخل الفتور والإضعاف على بدنه، فيجمع بين ضررين في وقت واحد! وإذا كان الإسراف في حد ذاته محرما، فكيف بمن يجعل الإسراف مدعاة للإتلاف والإضعاف؟