ولهذا كانت للمسلمين حضارة، وعلوم، ومخترعات.. كانت هناك تشريعات وفلسفة، وقوانين، وطب، وفلك، ورياضيات، وأدب، واجتماع وتاريخ وجغرافيا، وكيمياء، وآداب للسلوك.. وكان لكل هذه العلوم أساتذة عباقرة، كأئمة الفقه، وعلماء التفسير، ورجال الحديث، الذين خرجوا المسائل والأحكام الفقهية، وضبطوا أساليب النقد، وقعَّدوا قواعد التشريع.. ويذكر لنا التاريخ عشرات المئات من العلماء في كل فن.. أصبح هناك قادة وحكام لم يعرف التاريخ لهم مثيلا.. وهم لم يدخلوا الكليات الحربية، ولم يدرسوا في مدارس عسكرية.. ولكن دخلوا شيئا واحدا، هو كلية القرآن الكريم، ومدرسة الإسلام الحنيف.. وهناك مدن امتلأت بالعلم والعلماء، ومعاهد الحضارة، مثل: القاهرة، وبغداد، ودمشق، وقرطبة، وغرناطة، واشبيلية، وبخارى وغيرها من العواصم التي تزخر بكل ألوان الحضارة.. وكانت هناك دول وممالك، في الشرق والغرب، بسطت نفوذها الإسلامية وعقيدتها، وعبقريتها، وشرقت وغربت حتى نشرت الفكر الصحيح.. وكل هذا بفعل الاتجاهات القرآنية التي غرسها الإسلام، في قلوب الناس، والتي أدت إلى تنمية القوى العقلية في الإنسان المسلم، ففتحت أمامه آفاقا واسعة لا حدود لها)) .
واليوم على الغيورين أن يدرسوا حال المسلمين، الذين ابتلوا بالأفكار المستوردة، والأحزاب الحمراء المتنمرة. لنرى هل يمكن أن تعود حضارة المسلمين، وتشرق من جديد، فتنقذ الإنسانية من بلاء الإلحاد. وحضارة المادية العفنة.. وقبل أن نقرر إمكانية عودة الحضارة الإسلامية أضع أمام القارئ الحقائق التالية:
أولا: العالم الإسلامي حباه الله بأعظم النعم، إذ يتربع على كنوز ثمينة ويربض على ثروات معدنية هائلة، ويملك من حقول البترول أجداها نفعا، وأكثرها سخاء وثراء، وأقواها تدفقا وعطاء.