للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"اختص بني إسرائيل بالخطاب اهتماما بهم لأنهم أقدم الشعوب الحاملة للكتب السماوية، والمؤمنة بالأنبياء المعروفين، ولأنهم كانوا أشد الناس على المؤمنين [٢٤] " ولأن في دخولهم في الإسلام من الحجة على النصارى وغيرهم أقوى مما في دخول النصارى من الحجة عليهم، وهذه النعمة التي أطلقها في التذكير لعظم شأنها هي نعمة جعل النبوة فيهم.. ولذلك كانوا يسمون شعب الله -كما في كتبهم- وفي القرآن أن الله اصطفاهم وفضلهم.. ولا شك أن هذه المنقبة نعمة عظيمة من الله، منحهم إياها بفضله ورحمته فكانوا بها مفضلين على العالمين من الأمم والشعوب، وكان الواجب عليهم أن يكونوا أكثر الناس شكرا، وأشدهم بنعمته ذكرا، وذلك بأن يؤمنوا بكل نبي يرسله لهدايتهم، ولكنهم جعلوا النعمة حجة الإعراض عن الإيمان، وسبب إيذاء النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم زعموا أن فضل الله تعالى محصورٌ فيهم، وأنه لا يبعث نبياً إلا منهم، ولذلك بدأ الله تعالى خطابهم بالتذكير بنعمته وقفَّي عليه الأمر بالوفاء بعهده"١هـ.

وحتى نبلغ هذه الآية إن شاء الله وما بعدها نتساءل: هل تغير إلى الأحسن أهل الكتاب من اليهود فحفظوا العهود وأنجزوا الوعود، وانطفأت فيهم جذوة الأنانية، وصاروا شيئاً آخر غير أصولهم الذين قال الله فيهم {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [٢٥] .

إلى لقاء


[١] البقرة في آيتي ١٠٥، ١٠٩ عدا الآيات التي سماهم فيها باليهود والنصارى أو وصفهم بها.
[٢]_ آل عمران في اثنتي عشرة آية من ٦٤ _ ١٩٩.
[٣]_ النساء في أربعة آيات من ١٣٣ _ ١٧١.
[٤]_ المائدة في ست آيات والسابعة خطاب لأهل الإنجيل من ١٥ _ ٧٧.
[٥]_ العنكبوت في الآية ٤٦ وفيها الرفق في خطاب خيارهم.