للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عليه وسلم: "التحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر" ولفظ الحديث بتمامه جميل نسمعه "التحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة، والفرقة عذاب" إذاً فلنشكر نعمة الله على الفهم الذي قدمناه، وليس فقط بكلمة شكر يخادعون بها، وما يخدعون إلا أنفسهم، ويقدمون لزوال نعمتهم، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحول عافيتك" وروى الموقدي والزهري عن عروة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى كسرة ملقاة، فمسحها فقال: "يا عائشة، حَسَّني جِوار نعم الله عز وجل، فإنها قلما نفدت عن أهل بيت، فكادت أن ترجع إليهم"، أو قد تستدرج، بمعنى أن تبقى النعمة وقد تزيد ولو لم تشكر، وذلك في تأويلين بمعنى واحد لقوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} ، أحدهما، نُسبغُ عليهم نعمنا ونمنعُهم شكرنا، والثاني: كلما أحدثوا ذنبا، أحدثنا لهم نعمة، ليظنوا صواب طريقتهم، فإذا ما جمعوا فأوعوا، جمعوا المال حتى امتلأت به أوعيتهم، وليس كما استعمل البعض الآية في غير معناها _ وماتوا وتركوها بخلابها وكنزهم لها، فهؤلاء داخلون في قوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} وأعلم واحد من هذا النوع، كان يخبئ أوعية المال في أماكن خفية لم يخبر عنها أهله، ففاجأه الموت على غرة، وهكذا حرم نفسه وغيره من نعمة الله، فما استفاد منها ولا أفاد، ولا يقولن جاهل بأن الكافر أوفى نعمة من المؤمن في هذه الدنيا، ذلك لأنه ليست له نعمه، وإنما هي عليه نقمة، فمعروف بأن الدنيا جنته أمليت له، ليزداد بها عند الله شقاء. {وَلا يَحْسَبَنَّ