للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأحد. إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له"متفق عليه، ومع أنه سبحانه قدر الابتلاء ليمحص الذين آمنوا وليميز الخبيث من الطيب، لم يفاجئنا بابتلائه، لعلمه بوقع الأسى المفاجئ على الضعف الإنساني، فقدم إعلامنا به قبل أن يوقعه بنا، ليكون سهل الحدوث هين التأثير، فمن ذلك قوله عز من قائل {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} وقوله {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} وقوله: {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ} وقوله {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ، ومن هذا كثير في كتابه مذكور بالمؤكدات كما سمعنا، من هذا كان من اللازم أن يعيش المؤمن طول عمره، مستعدا لتقبل أمر ربه، لا يفاجأ به ولا يُنال من إيمانه، وبذلك يكون إن شاء الله من أهل هذا الحديث الشريف "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيَّؤُها الريح، تصرمها مرة وتعدلها أخرى، حتى يأتيه أجلهُ، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها، لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة"رواه الإمام مسلم، فالصبر إذاً شيء يعده المؤمن سلفا، حيث لابد منه يوما، يستعمله في هدوء ورضاً، على حد قول شاعرنا السابق:

عرفنا الليالي قبل ما نزلت بنا

فلما دهتنا لم تزدنا بها علما