بعد أن أدخل الاستعمار _ وهو حكم غير المسلمين للبلاد الإسلامية _ مناهج للتعليم غير المناهج الإسلامية المتوارثة وبنيت هذه المناهج على الفكر الغربي من حيث الأساس، اختلت الوحدة الثقافية والفكرية في البلاد الإسلامية. فوجد أولاً نوعان من الثقافة والتفكير، نوع بني على المناهج الإسلامية الموروثة القديمة ونوع بني على المناهج الأجنبية الوافدة أو الغازية.
ووجد اختلاف آخر نشأ عن تعدد الدول غير المسلمة التي غزت بلاد المسلمين وهي نفسها مختلفة المناهج وإن اشتركت في أصولها فثمة نظام إنكليزي ونظام فرنسي وغيرهما. ثم ظهر نظام آخر كان له تأثير أيضا وهو النظام الماركسي الذي تأثرت به بعض البلاد الإسلامية بتأثير الدول الشيوعية ودعايتها ونفوذها وهكذا تكون من مجموع ذلك تفكير متعدد مختلف الاتجاهات وليس هذا الاختلاف بين بلد وبلد فحسب بل في البلد الواحد نفسه. وبذلك فقدت أو انتقصت الوحدة الفكرية والثقافية التي كانت ماثلة، في بلاد المسلمين كلها.
ب _ التشريع:
غزا الغرب غير المسلمين البلاد الإسلامية قبل استعمار البلاد الإسلامية فأخذت القانون الجنائي ثم القانون التجاري ثم القانون المدني وأخيراً قانون الأحوال الشخصية. ولكل من هذه القوانين تأثيرها في المجتمع في توجيه حياته الأخلاقية عن طريق التشريع الجنائي _ والاقتصادية عن طريق القانون التجاري والمدني وحياة الأسرة المسلمة عن طريق قوانين الأحوال الشخصية.
ونشأ عن ذلك:
الاختلاف بين التشريع الإسلامي الذي كان سائدا والتشريع الغربي الغازي. الاختلاف بين التشريعات الأجنبية نفسها لتعدد مصادرها.
التعارض بين بنية المجتمع الإسلامي القديمة والتشريع الجديد الأجنبي فيها وأخيرا فقدان الوحدة التشريعية في البلاد الإسلامية واختلاف تكوين البناء الاجتماعي وإقصاء التشريع الإسلامي عن المجتمعات الإسلامية.