من الطبيعي أن يرتبط الاختلاف في السياسة الداخلية بالاختلافات السابقة وخاصة في التربية والثقافة وفي التشريع وفي المفاهيم العقائدية والمعايير الأخلاقية وهي التي تحدد الحقوق والواجبات ومدى الحريات وأنواعها ولا شك كذلك أن حرص الحكام في كل بلد على الاستمرار في الحكم وبقاء البلد الذي يحكمونه مستقلا عن غيره من البلدان الإسلامية هو دافع إلى وضع قوانين ونظم وإجراءات في السياسة الداخلية تقوي روح الإقليمية والانعزالية في الشعب حتى تتغلب على شعوره بواجب الاتحاد أو الوحدة مع سائر البلدان الإسلامية، ويضاف إلى ذلك اعتقاده أن في ذلك مصلحة له لئلا يقاسمه أبناء البلدان الأخرى المنافع والمكاسب في زعمه غافلا عما تجلبه الوحدة وسعة الرقعة من القوة ومن المنافع والمصالح بالإضافة إلى كونها واجبا إسلاميا بصرف النظر عن مكاسبها.
وبذلك يصبح المسلم في بلد إسلامي ليس بلده وفي دولة غير دولته ليس له من الحقوق المدنية كالعمل والإقامة والتملك والتوظف وغيرها من الحقوق إلا ما لسائر الأجانب من غير المسلمين وهذه ظاهرة لم يسبق لها نظير في تاريخ الإسلام ولم تحدث إلا في العصر الحديث.
أما السياسة الخارجية فهي كذلك مختلفة بسبب اختلاف العوامل التي ذكرناها من التربية وما تنشره من أفكار وعقائد ومن النظم الاقتصادية والمصالح الاقتصادية فهذان العاملان أعني التأثر بالتيارات الخارجية كالشيوعية والليبرالية. والديمقراطية والقومية وغيرها، وارتباط المصالح الاقتصادية بدول وبلدان غير إسلامية أدت ولا تزال تؤدي حتما إلى اختلاف كبير في السياسة الخارجية وانقسام بين حكومات البلاد الإسلامية في هذا المجال. وإن من أساليب المعارضة لوحدة الشعوب الإسلامية واتحاد الدول الإسلامية صرفها إلى تكتلات أخرى تختلط فيه دول الشعوب الإسلامية وتتوحد مع دول غير إسلامية.