للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة والسدي من أنّ زكريّا نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: أنّ الله يبشرك بيحي, قال له الشيطان: ليس هذا نداء الملائكة, وإنما هو نداء الشيطان فداخل زكريا الشك في أنّ النداء من الشيطان, فقال عند ذلك الشك الناشئ عن وسوسة الشيطان قبل أن يتيقن أنه من الله {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} , ولذا طلب الآية من الله على ذلك بقوله: {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} الآية.

الثاني: أنّ استفهامه استفهام استعلام واستخبار؛ لأنه لا يدري هل الله يأتيه بالولد من زوجه العجوز أو يأمره أن يتزوج شابة أو يردهما شابين؟ .

الثالث: أنه استفهام استعظام وتعجب من كمال قدرة الله تعالى, والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} الآية, هذه الآية يوهم ظاهرها أن بعض المخلوقين ربما خلق بعضهم, ونظيرها قوله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} الآية, وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الله خالق كل شيء كقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} , وقوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} إلى غير ذلك من الآيات. والجواب ظاهر وهو معنى خلق عيسى كهيئة الطير من الطين: هو أخذه شيئا من الطين وجعله على هيئة أي صورة الطير, وليس المراد الخلق الحقيقي؛ لأن الله متفرد به - جل وعلا -. وقوله: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} معناه: تكذبون, فلا منافاة بين الآيات كما هو ظاهر.