بعد استعراضنا لواقع العالم الإسلامي المعاصر وما ظهر من ظاهرات انتقصت من الوحدة بين الشعوب الإسلامية وعوامل أثرت فيها وأحدثت فيها انقساما وتصدعا وتشبعا، لابد لنا من إثبات ملاحظة هامة. ذلك أنه بالرغم من العوامل التي انتقصت الوحدة وأضعفتها فإنه لا تزال كثير من جوانب الاشتراك وأسس الوحدة قائمة في كل شعب وبين الشعوب الإسلامية.
لا يزال الشعور الشعبي الإسلامي قويا عميق الجذور وهو شعور بالانتماء إلى الإسلام والإيمان به وشعور بالوحدة بين المسلمين ولا يزال هذا الشعور أقوى من أي شعور آخر يقابله مما تولد من التيارات المذهبية الحديثة.
ولا تزال وحدة المظاهر الدينية في العبادات وشعائرها والأعياد والمواسم والعادات ذات أثر كبير في النفوس ولا تقل عن ذلك ذكرى ماضي الإسلام وتاريخه في الوعي الشعبي.
ونضيف إلى هذه الجوانب ظاهرة جديدة آخذة بالقوة والاتساع والعمق وهي ظاهرة العودة إلى الإسلام دراسة وإطلاعا وإحياء لتراثه ومصادرة والتزاما لأحكامه ومطالبة بتنفيذه في مجال التشريع والاقتصاد والحكم حتى أن الحكام أخذوا يشعرون بالضغط الشعبي القوي للعودة إلى الإسلام مما يضطرهم للمسايرة أو المجاملة.
إتماما للصورة التي رسمناها للعالم الإسلامي والعوامل المؤثرة في وحدته وانقسامه، وانسجامه أو تنافره، يجب أن نضيف أن هذه العوامل لا تتفاعل مستقلة بمعزل عن المؤثرات الخارجية. فإن القوى الخارجية والدول غير الإسلامية ذات مصلحة في هذا الموضوع ولها فيه اهتمام بالغ. ولذلك فهي تحاول التأثير في كل واحد من هذه العوامل لتقويته أو إضعافه حسب مخططها.