١ – تعريفه للكلام بأنه فعل يفعله المتكلم إلى آخر كلامه..
٢ – الادعاء بأن الحروف التي في المصحف صنفان، صنف مصنوع لنا، وصنف مخلوق لله, وأن الصنف الذي من صنعنا يدل على اللفظ المخلوق وعلى المعنى غير المخلوق.
تعليقي على النقطة الأولى: بأنه كلام لا معنى له، بل تأباه اللغة العربية ويأباه الواقع إذ لا يعرف في اللغة العربية: أن الكلام هو الفعل، فيقول النحاة عندما يعرفون الكلام:(هو اللفظ المركب المفيد بالوضع) ، وذلك يعني أن الكلام هو ذلك الملفوظ المنطوق، وفي الواقع أن الناس يفرقون بين الكلام والفعل طبعاً، وأكتفي بهذا المقدار في هذه النقطة لوضوحها فيما أحسب.
وأما النقطة الثانية: فادعاء ابن رشد صنفين من الحروف للقرآن فكلام خال وفارغ عن المعنى في نظرنا، وعلى أي حال فقد وقع ابن رشد في البدعة التي كان يشنعها على أهل الكلام، ولم يقف مع ظاهر الشرع كما يدعو إليه وكما هو المتحتم على كل مسلم وبعد:
فكم كان جديراً بابن رشد أن يطبق القاعدة التي يذكرها دائماً في بحثه وهي:(لا يحق للباحث في مسائل الدين أن يطبق الاعتبارات الإنسانية على الأمور الإلهية) ، ولكنه خالفها ولم يلتزم بها - وللأسف - والملاحظ أن ابن رشد قد خالف علماء الكلام في مواقفهم من صفات الله، وأنكر عليهم تأويلهم وشدد الإنكار عليهم، وكان يرى أن تبقى نصوص الصفات على ظاهرها - كما يليق بالله - ويدعو إلى ذلك بكل صراحة، وهي دعوى حق طبعاً، ولكنه قلب ظهر المجن - كما يقولون - لهذه الطريقة في صفة الكلام، وانحاز إلى الطريقة الأشعرية وهي القول بخلق القرآن مع إثبات الكلام النفسي بل زاد عليهم حيث ادعى أن للقرآن حرفين، حرف مخلوق لله وحرف مصنوع للعباد دال على الحرف المخلوق، وهو موقف - كما ترى - في غاية الغرابة، بل انزلاقة خطيرة يخشى منها على إيمان صاحبها، والله المستعان.