وإذا أراد العاقل في هذا العصر الذي نعيش فيه معرفة الشاهد من الواقع على صدق هذه الحقيقة، وهي أن المسلمين ينتصرون بسبب التزامهم شريعة الإسلام التي اختارها الله لهم وينهزمون عند زهدهم فيها وبعدهم عن الأخذ بتعاليمها لم يجد شاهداً أوضح من نتائج الحرب بين العرب واليهود التي تجلت فيها هذه الحقيقة بوضوح ذلك أن العرب الذين أعزهم الله بالإسلام لما لم يلتزموا في هذا العصر - إلا من شاء الله منهم - بشرع الله, ولم يحكموا الوحي الذي نزل به جبريل من الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, واختاروا لأنفسهم التحاكم إلى قوانين وضعية ما أنزل الله بها من سلطان, لما لم يلتزموا بهذه الشريعة الكاملة الصالحة لكل زمان ومكان ظفروا بالخذلان وصارت لهم الذلة أمام من كتب الله عليهم الذلة, وأي ذل وهوان أشد من هذا الذل والهوان, وسيسجل التاريخ ذلك للذين يأتون من بعد, كما سجل ما جرى من خير وشر للذين مضوا من قبل، ولن يقوم للمسلمين قائمة إلا إذا رجعوا إلى الاعتصام بالله والالتزام بشريعة الله.
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفق المسلمين جميعاً في كل مكان إلى ما فيه عزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.