فما زاد الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يبتسم له, فقال له الناس:
"والله ما بيّن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، ما ندري بمن يبدء، بقريش أو ثقيف أو هوزان "[١٠] .
أما قريش فكانت وجلة خائفة مترقبة غير مطمئنة ودفعها الخوف ومحاولة معرفة الأخبار إلى أن يخرج أبي سفيان وآخرون علهم يعرفون شيئاً.
وقد خاف العباس بن عبد المطلب على قريش الفجاءة قبل أن يأمنوا لأنفسهم، فخرج في بغلة الرسول عليه الصلاة والسلام يبحث عن شخص يذهب إلى أهل مكة فيخبرهم وينذرهم، ولكنه سرعان ما سمع صوت أبي سفيان وهو يحاور صاحبه بديل بن ورقاء بعد أن رأى نيران جيش المسلمين التي اكتشفها أبو سفيان بذكائه وخبرته إذ كان صاحبه يظنها نيران قبيلة خزاعة جاءت للأخذ بثأرها فيجيبه أبو سفيان:"إن خزاعة أقل وأذل من أن تكون لها تلك النيران"، وإذا بأبي سفيان يفاجأ بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يناديه يحاوره ويطلب منه الذهاب للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقتله.
وهنا تأتي المقارنة بين موقف وموقف، وأخبار وأخبار, أبو سفيان يحذر قريشاً فيحمد ذلك منه، وحاطب يحذر قريشا فيستجوب عن ذلك؟ هل هناك تشابه بين الموقفين؟ كلا فالفارق بينهما كبير، فارق في الزمان حيث كانت الأولى في مرحلة الإعداد والثانية في نهاية الخطة، وفارق في المكان حيث كانت الأولى من المدينة والثانية على مشارف مكة، وفارق في السرية والعلنية حيث أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بالثاني إذ أعطى بغلته لعمه ولم يأذن في الأولى.