ولقد اهتم علماء الدولة الإسلامية، بهذا الجانب من العلوم، وقاموا بالأبحاث الرائدة، وقدموا الابتكارات الرائعة، وكلما ذكرت الحضارة الإسلامية في غابر الزمان، ذكر التقدم الصيدلي الذي تحقق على أيدي علماء الأمة الإسلامية، ولقد ظلت المعارف الصيدلية، والأعمال الصيدلية قروناً عديدة إلى ما قبل النهضة الإسلامية، أشبه بما نراه الآن من "أعمال العطارة، وخبرات العطارين"إلى أن ظهر العلماء في عصور النهضة الإسلامية، فقاموا بالدراسات المنهجية، وأجروا التجارب العلمية، واستعملوا الأجهزة العلمية، وتوصلوا إلى الاكتشافات القائمة على البحث والتجربة، وبهذا أصبحت (الصيدلة) علماً له كل مقومات العلم: الملاحظة، والبحث، والتجربة.
النهضة الصيدلية وعلماء الصيدلة:
وفيما يلي نعرض بعض مظاهر النهضة الصيدلية، ونذكر بعض مشاهد العلماء الذين شاركوا في هذا الجانب من النهضة الإسلامية:
أولاً: لقد تقدم علم الكيمياء تقدماً عظيماً، وذلك نتيجة لمجهودات العالم الشهير (جابر بن حيان) الذي يعتبر من أعظم علماء العالم في جميع العصور، ولقد عرف العلماء قدره فسموا "علم الكيمياء"(علم جابر) .
وكان (جابر بن حيان) أول من حضّر: حامض الكبريتيك، وحامض النيتريك، وكربونات الصودا، وكربونات البوتاسيوم، وماء الذهب. وأصبح لهذه الكيماويات أهمية عظمى في العصور الحديثة، بل تكاد تكون من أسس حضارة القرن التاسع عشر والعشرين في الكيمياء، والصيدلة، والزراعة، والصناعة.
وهو أول عالم كيميائي استعمل الموازين الحساسة في التجارب الكيميائية.
ولقد ابتدع طرقاً أفادت كثيراً في تحضير العقاقير وتنقيتها وذلك في عمليات (البلورة، والترشيح، والتقطير، والتصعيد) وغيرها من الأعمال الهامة الكيميائية والصيدلية.