للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنها لهمة عالية ونية صادقة، وغيرة لله خالصة انبعثت من شاب مسلم لم يبلغ يومها العشرين عاماً، يصبر على مفارقة الآباء والأقرباء، والأنداد والأحباء, والوطن والمنصب، والحال أنه أصبح شخصاً مرموقاً يشار إليه بالبنان، قد ينال في المجتمع مرتبة يغبطه عليها أترابه من أبناء الزمان، ولكن الأمر كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ..} الآية, (الزمر: ٣٧) .

وصول الشيخ إلى الحرمين الشريفين

ولقد نفّذ خطته فعلاً، ووصل إلى مكة عام ١٣٤٥ هـ وأدى فريضة حجه، وعندما وصل إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتصل بعالم جليل من أبناء جنسه وعشيرته يدعى الشيخ سعيد بن صديق, وكان يشتغل بالتدريس في المسجد النبوي، واشتهر بالعلم والإخلاص والصدق والتواضع، والكرم واللطف والنبل - ووصفه الأستاذ محمد بن سعيد دفتدار عندما ترجم له بقوله: "ولد عام ١٣١٠هـ وتوفي عام ١٣٥٣هـ، وتخرج في العلم علي يدي الشيخ ألفا هاشم، وتربى في كفالته ولد في بلاد فلانة في بلدة قابيور فجدّ في طلب العلم من الشيخ ألفا حتى نال حظاً وافراً من العلم..", إلى أن قال: "وفي الحرب العالمية الأولى ظل بالمدينة المنورة صابراً على لأوائها، ولما توفي الشيخ ألفا هاشم عام ١٣٤٩هـ أخذ الشيخ سعيد مكانه وتصدى للتدريس في الفقه والحديث النبوي والتوحيد السلفي. وفي العهد السعودي اتصل بالشيخ عبد الله بن بلهيد فلما تحقق من فضله وعلمه عين مدرساً في المسجد النبوي، وعضوا في هيئة الأمر بالمعروف، وانتفع بعلمه كثير منهم الشيخ علي بن عمر والشيخ محمد قوني، وتوفي يوم الجمعة في رجب عام ١٣٥٣هـ".