للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما نفى الأصلُ أو نفته الأصول

فأجابوا , وناظروا وإذا العلم

لديهم هو اليسير القليل

هذا ولم يقصر الشيخ الأفريقي استفادته وتلقيه من دار الحديث فقط بل كان يتردد على الحلقات العلمية في المسجد النبوي، والمسجد النبوي جامعة من الجامعات وموضع إعداد القياديين من رجال العلم والفكر، وأرباب الشهامة والكرامات من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وكان يومها يعج بالطلاب الذين ينهلون من المورد الصافي، ويتزودون من ميراث النبوة ما يحيي قلوبهم ويهذب أخلاقهم، وتقر به عيونهم ونفوسهم.

وقد ظل المسجد إلى عهد قريب هو المدرسة لكل العلوم، وكانت أسطواناته وسواريه مسنداً لظهور العلماء والفقهاء، والمحدثين والمفسرين يتحلق حولهم الطلاب، وينهلون من علمهم وفقههم العديد من الطبقات وعلى مختلف الأعمار والفئات.

يتجول المرء في المسجد ليستمع إلى تلك الدروس ومتى أصغى إلى شيخ وأعجب من أسلوبه، وتمكن من الفهم منه جلس مع الملتفين حول الشيخ وأخذ ما شاء الله له من الفوائد وانصرف.

وللصبية الصغار حلقات وكتاتيب عند مدخل المسجد النبوي أذكر منها كتاب الشيخ التابعي والشيخ الرحالي، والشيخ مولود، والعريف بن سالم والعريف مصطفى والعريف جعفر فقيه, وغيرهم. وكل كتاب منها يعتبر مدرسة تتكون من عدة مراحل دارسية لدراسة القرآن الكريم، وبعض المبادئ الدينية، والأذكار النبوية التي ينبغي أن يلم بها المسلم.

أما تدريس الصغار للعلوم الشرعية فإن على الآباء أن يختاروا لأبنائهم الفقيه الذي يختارونه لذلك سواء كان التعليم في البيت أو المسجد ما داموا صغاراً، فإذا بلغ السن التي تؤهله لحمل الكتاب، ومزاحمة الرجال انتقل الأبناء إلى حلقات المسجد، وبذلك تكون رابطة الفرد بالمسجد وعلاقته به من الصبا إلى ما شاء الله.