والإنسان يولد على الفطرة نقيا صافيا، والإسلام دين الله الحق, دين يتفق مع الفطرة السليمة. ولهذا يقول الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(الروم:٣٠) .
وكل مولود يولد على هذه الفطرة السليمة، كما يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
والإسلام يخاطب الإنسان بوجوده كله، جسداً وروحاً، فهو المخلوق العاقل المؤهل للتكليف والحساب والجزاء، فإذا استقام الإنسان كما أمره الله تحققت له السعادة في الدنيا والآخرة، وكان له في الدنيا مكان العزة والقيادة، ومن الآخرة جزاء المتقين المحسنين الفائزين برضوان الله، كما يقول الله سبحانه وتعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل: ٩٧) .
ثانياً: المقصود بالحضارة:
الحضارة في أحدث تعريف لها هي كل إنتاج مصدره العقل، فهي تشمل كل ألوان النشاط البشري، أي أن الإنسان العاقل هو الذي ينتج الحضارة، فهي ثمرات أعماله التي يوجهها الدين الحق توجيهاً صحيحاً ويزكيها.
وقد عرف علماء الاجتماع الإنسان بأنه حيوان عاقل، وبأنه حيوان ذو دين، وبأنه حيوان ذو حضارة، أي أن الإنسان العاقل هو الكلف دينياً، والنتج حضارياً، والعقل هو أكبر نعمة أنعم الله بها على الإنسان؛ لأنه يستطيع به التمييز بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال وبين الخير والشر، وبين النافع والضار، وبين الصالح والفاسد، فيستطيع به أن يعرف الدين الحق ويدين به، وأن ينتج الحضارة الصالحة المفيدة في الدنيا والآخرة.