أيها الشيخان الكريمان أنظرا معنا أولا في متن الحديث وتأملا في أسلوبه بتجرد وإخلاص فربما وافقتمانا على أن أسلوبه ليس نبوياً ولا عربياً بليغاً وهذا نصه:"من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار ونجا من العذاب وبرئ من النفاق"أليس النار هي العذاب؟.. أليس العذاب عند الاطلاق ينصرف إلى عذاب الآخرة؟.. مقتضى التعبير البليغ أن يكتفي بواحد من هذين إما النار أو العذاب، وبعد ذلك "وبرئ من النفاق" بعد أن ضمن له النجاة من النار والعذاب أخبر ببراءته من النفاق ومعلوم أن من ضمنت له النجاة من النار لا يكون منافقاً لا في الحاضر ولا في المستقبل.
ثم إن مقتضى هذا الحديث أن من صلى في المسجد النبوي الشريف ثمانية أيام تحقق له ما تحقق لأهل بدر حيث أخبر المصطفى عليه السلام أن الله قال لهم:"اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ولو كان ذلك صحيحاً لعرفه السلف الصالح وبادروا إليه وتناقلوه فيما بينهم وبلّغوه إلى من بعدهم إذ هذا أمر ليس بالهيّن فكيف لم يرد إلا بخبر واحد عن صحابي واحد من طريق تابعي واحد غير معروف عند علماء الإسلام ولم يرد اسمه في حديث واحد غير هذا الحديث ولا في كتاب واحد من كتب الترجمة سوى كتاب ابن حبان، وهذا الذي قلناه عن متن الحديث مجرد وجهة نظر خاصة لا نلزم أحداً بقبولها ولا نلوم من خالفنا فيها.