والآن انتهينا من مناقشتنا للشيخ حماد بشأن ابن حبان فلننتقل إلى مناقشته حول ادعائه أن ابن حجر وثق نبيطاً فنقول:
إن ابن حجر لم يزد على قوله:"ذكره ابن حبان في الثقات"، ولم يأت بشيء من عند نفسه بشأن نبيط يدل على رأيه الخاص, أما إن تعلقتم فضيلتكم بعدم معارضة ابن حجر لابن حبان كأنكم تقولون: السكوت دليل على الموافقة. فأولاً: هذا الدليل في غاية من الضعف إن لم نقل إنه باطل.
ثانياً: نحن نقول: إن سكوت ابن حجر وعدم معارضته لابن حبان بشأن توثيق هذا الرجل راجع إلى أمرين:
الأول: عدم معرفته لذلك الرجل إذ لم يرد له ذكر في شيء من كتب الجرح والتعديل إلا في كتاب ابن حبان.
والثاني: علم ابن حجر باشتهار ابن حبان بين أهل العلم بالتساهل من ناحية وبتوثيق المجاهيل من ناحية أخرى، فاكتفى بذلك عن بيان جهالة نبيط، علماً بأن ابن حجر لم يقل في مقدمة كتابه (تعجيل المنفعة) أنه إذا نقل حكماً من أحد على أحد ولم يعارضه كان ذلك دليلاً على موافقته له، ولا يجوز إلزام أحد لما لم يلتزم.
ونحن وفضيلة الشيخ حماد وغيرنا نعلم أن الزمان طويل جداً بين نبيط وهو تابعي - لأنه في هذا الحديث يروي عن صحابي - وبين ابن حجر وهو من أهل القرن التاسع فلا سبيل إلى معرفة رجل من التابعين إلى عن طريق الكتب التي ألفها السلف, والكتب التي اطلع عليها ابن حجر موجودة الآن فهل ذكر نبيطاً شيء منها سوى كتاب ابن حبان، وقد فرغنا من الحديث عنه وبيّنّا أنه لا حجة به كما قرر فضيلة الشيخ حماد نفسه.