هل كتبا ذلك في كتاب اطلع عليه السيوطي؟.. لو كان كذلك لرأينا ذلك الكتاب، أليست مكتبة فضيلتكم يندر أن يوجد كتاب باللغة العربية في أي علم الحديث لا تشتمل عليه؟.. فهل وجدت ذلك مكتوباً بأيديهما أو بيد أحد ممن عاصرهما أو عاش قريباً من عصرهما؟ وهل كل ما قيل يصدق وتبنى عليه أحكام؟ .. وهل السيوطي ثقة في النقل؟ .. الجواب عندنا:"لا", وكيف يكون ثقة وهو يورد أحاديث في كتاب اللآلئ المصنوعة ويحكم عليها بأنها موضوعة، وإذا دعته نفسه إلى إثبات حكم - غالباً ما يكون في الخرافات - أورد ذلك الحديث محتجاً به على صحة ما ذهب إليه، وانظر في فتاواه ترى العجب العجاب في باب التصوف والشعوذة وأنواع الخرافة، فكيف يقال: نقل السيوطي عن الإمام أحمد وابن المبارك ويحتج بهذا في المسائل العلمية الأساسية؟! ...
ثم لو صح ذلك عن أحد أئمة الإسلام فمعلوم أنّ السلف إذا قالوا بالحديث الضعيف أو عدم التشدد في صحة الإسناد فهم يعنون ما سمى بعدهم بـ (الحسن) إذ أن اصطلاح السلف على الحديث قسمان صحيح وضعيف, فما لم يبلغ درجة الصحيح فهو ضعيف في اصطلاحهم وعلى هذا أنزلوا ما نقل عن الإمام أحمد وغيره من قولهم: الحديث ضعيف، أحب إلينا من القياس، وكذا قولهم:"إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا وإذا روينا في فضائل الأعمال تساهلنا", فهو لا يعنون حديثاً فرداً من أول سنده إلى آخره وفي سنده راو مجهول العين والحال وحتى راويه ذلك المجهول وهو عبد الرحمن بن أبي الرجال قال فيه ابن حجر في التقريب:"صدوق يهم"فليس هو في الدرجة العليا من رواة الحديث.
أما ما سمي ضعيفاً في الاصطلاح الأخير فهو عند السلف متروك لا يلتفت إليه، انظر مقدمة مسلم لصحيحه.
ثم لو فرض أن نقل السيوطي صحيح وأن الإمامين يعنيان مثل هذا الحديث لقلنا: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.