ومن اقتحم العقبات وتغلب على تلك القواطع فصار عبداً لله وحده لا يشاركه فيه أحد سواه فهو العبد الواصل إلى الله لأنه وصل إلى العبودية الخالصة وذاق حلاوتها فأصبح شديد الخشية والحياء من سيده، قوي المراقبة له سبحانه وقوي الأنس به والشوق إلى لقائه.
لا راحة له إلا حين يكون في عبادة ربه وطاعته "أرحنا بها يا بلال"كثير البكاء شوقاً إلى لقاء ربه في دار كرمته.
هذه بعض صفات العبد والواصل إلى الله وهذا تصورالوصول وهذه حقيقته.
من هنا تعلم أن ما يسميه بعض الزنادقة من غلاة المتصوفة بالوصول إلى الله, عندما يمرق بعضهم عن الدين ويتحلل عن التكاليف بدعوة أنه وصل إلى منزلة تسقط عنه فيها جميع التكاليف فيصبح حراً طليقاً يفعل ما يشاء ويذر ما يريد، فإن هذا الذي يسمونه وصولاً فهو في الواقع خروج عن الجادة ومروق عن الدين فهذا الصنف من الناس هم من أبعد الناس عن الله لأنهم يرغبوا عن دينه الذي بعث به رسوله محمداً عليه الصلاة والسلام الذي يطيل القيام في صلاته حتى تتورم قدماه الشريفتان وإذا قيل له في ذلك يكون جوابه "أفلا أكون عبداً شكوراً".
هذا هو أرقى درجات الوصول لأنه عليه الصلاة والسلام أعرف الناس بربه وأتقاهم له سبحانه, وأتباعه يتفاوتون في الوصول, فهم درجات عند ربهم.. والله المستعان.