أما الحساب فلا يعول عليه وهذا هو الحق وهو إجماع من أهل العلم المعتمد بهم، وليس المراد من الأحاديث أن يرى كل واحد الهلال بنفسه وإنما المراد ثبوت البينة العادلة, وقد خرج أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام"، وخرج أحمد وأهل السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أعرابياً قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إني رأيت الهلال فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ " فقال: "نعم"، قال: "فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً", وعن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه فقال: "ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم وأنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها, فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يوماً فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا" رواه أحمد ورواه والنسائي ولم يقل فيه "مسلمان", وعن أمير مكة الحارث بن حاطب قال:"عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤيا فإن لم نره وشهد شاهداً عدل نسكنا بشهادتهما"رواه أبو داود والدارقطني وقال: "هذا إسناد متصل صحيح".
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على أنه يكتفى برؤية هلال رمضان بالشاهد الواحد العدل. أما في الخروج من الصيام وفي بقية الشهور فلا بد من شاهدين عدلين جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك، وبهذا قال أكثر أهل العلم وهو الحق بظهور أدلته, ومن هذا يتضح أن المراد بالرؤية هو ثبوتها بطريقها الشرعي وليس المراد أن يرى الهلال كل أحد، فإذا أذاعت الدولة المسلمة المحكمة لشريعة الله كالمملكة العربية السعودية أنه ثبت لديها رؤية هلال رمضان أو هلال شوال أو هلال ذي الحجة فإنّ على جميع رعيتها أن يتبعوها في ذلك.