الإسناد الثالث: قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم قال حدثنا يزيد بن عياض بن جُعدُبة عن ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة يوم الفتح وفيها صور الملائكة وغيرها فرأى صورة إبراهيم فقال: "قاتلهم الله جعلوه شيخاً يستقسم الأزلام" ثم رأى صورة مريم فوضع يده عليها وقال: "امحوا ما فيها من الصور إلا صورة مريم".
الإسناد الرابع: قال أخبرني محمد بن يحيى عن الثقة عنده عن ابن إسحاق عن حكيم بن عباد بن حنيف وغيره من أهل العلم أن قريشاً كانت قد جعلت في الكعبة صوراً فيها عيسى بن مريم ومريم عليهما السلام، قال ابن شهاب: قالت أسماء بنت شقران امرأة من غسان حجت في حاج العرب فلما رأت صورة مريم في الكعبة قالت: "بأبي وأمي إنك لعربية"، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمحو تلك الصور إلا ما كان من صورة عيسى ومريم.
وهذه الأخبار مردودة من وجوه:
الوجه الأول: ضعف أسانيدها:
أما الخبر الأول فإنه منقطع لأن أبا نجيح لم يدرك زمن الجاهلية ولا زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أدرك آخر زمان الصحابة رضي الله عنهم. والمنقطع لا يثبت به شيء، وأيضاً ففي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وقد وثقه ابن معين وضعفه أبو داود وقال أبو حاتم:"إمام في الفقه تعرف وتنكر ليس بذاك القوي يكتب حديثه ولا يحتج بهط، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وهذا مما يزيد الخبر وهناً على وهنه.
وأما الخبر الثاني: فإنه أضعف مما قبله لأمرين: أحدهما: أنه مرسل والمرسل ليس بحجة، والثاني: أن في إسناده رجلاً لم يسم، ومثل هذا لا يثبت به شيء، وقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير بدون ذكر الزيادة الباطلة فقال: في ترجمة مسافع بن عبد الله عن شيبة بن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا شيبة امح كل صورة في البيت".