للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا عبد الله بن الحارث - وهو ابن عبد الملك المخزومي - عن ابن جريج أخبرني أبو اليزيد أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الصور التي في البيت، ونهى الرجل الذي يصنع ذلك", وأن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه" إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد رواه الإمام أحمد أيضاً بإسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن. ورواه أبو داود في سننه والبيهقي من طريقه وإسناده حسن. وفي هذا الحديث رد لما جاء في الأخبار الأربعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمحو الصور التي في الكعبة ولم يستثن شيئاً منها، وفي هذا أبلغ رد على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم وضع كفيه على صورة مريم وعيسى وأمر بإبقائها ومحو ما سواها.

وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها وفي هذا رد على ما جاء في خبر أبي نجيح أنه صلى الله عليه وسلم أرسل الفضل بن العباس فجاء بماء زمزم.

الوجه الثالث: ما ذكره الزرقاني على المواهب أنه وقع عند الواقدي في حديث جابر وكان عمر قد ترك صورة إبراهيم فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم رآها فقال: "يا عمر ألم آمرك أن لا تدع فيها صورة، قاتلهم الله جعلوه شيخاً يستقسم بالأزلام". ثم رأى صورة مريم فقال: "امحوا ما فيها من الصور، قاتل الله قوماً يصورون ما لا يخلقون". وهذا ظاهر في شدة إنكاره صلى الله عليه وسلم للصور التي رآها في الكعبة ومنها صورة مريم. ويدل على تشديده في الإنكار ثلاثة أمور: أحدها: إنكاره صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه حير ترك بعض الصور فلم يمحها، والثاني: أمره بمحو الصور بدون استثناء. والثالث: دعاؤه على المصورين.