ومن أجل ذلك جاء النص النبوي الشامل, محمّلا كل فرد مسئوليته, ولم يدع مجالا لإمام أو وزير أو زوجة أو ابن أو خادم بأن يخون في مسئوليته, حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها والولد راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته, والعبد راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته, ألا كلكم راع, وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه، فالناس كلهم أمام هذا النص النبوي - الذي هو من جوامع الكلم - كلهم رعا ة, وكلهم مرعيون, وكلهم محمل مسئولية رعيته, فليتق الله كل مسئول فيما ولاه الله, وليعمل قدر استطاعته لصالح رعيته؛ لئلا يموت وهو غاش لهم فيستحق وعيد الله, الذي أجراه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "ما من راع يسترعيه الله رعية, يموت يوم يموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه رائحة الجنة" رواه مسلم.
كيف ينجو الراعي؟:
تتلخص سبيل سلامة الراعي في أمرين:
الأول: أن يؤدي كل حق إلى مستحقه, وينصر كل مظلوم على ظالمه - ولو كان هو الظالم - في الأمور التي يباشرها بنفسه.
الثاني: أن يختار لكل وظيفة من يستحقها من رعينه, دون مجاملة لأحد قريبا كان أو بعيدا, بل ينظر إلى أحسن رجل يتوسم فيه القيام بالواجب في تلك الوظيفة, ويسندها إليه, فإن حصل تقصير ممن ولاه بعد ذلك فلا إثم عليه, بل هو مأجور؛ لأنه بذل جهده في الاختيار, سواء كبرت الولاية أم صغرت، وكل موظف في تلك الولاية يجب عليه ما وجب على الوالي العام, فمن قام بذلك فقد سلك سبيل النجاة, وبقدر توفيقه في الاختيار يكون نجاح عمله وثمرته في الدنيا والآخرة, ومن عكس فحابى القريب لقرابته, والصاحب لصحبته, وهو غير كفء أو كفاءته ناقصة, وترك من هو خير منه فقد سلك طرق الهلاك, وبقدر اختياره السيئ يكون فشل عمله, فالأول فائز في الدارين, والثاني خسر فيهما.