لعلنا ندرك السر في اهتمام الإسلام بالتربية الفردية القائمة على الأسس المتينة، ذلك لأن المجتمع إنما يتكون من الأفراد فإذا كانوا صالحين كان المجتمع صالحاً والعكس صحيح.. إذا أردت بناء سفينة قوية متماسكة تحمل البضائع، وتصارع الأمواج، وتسير إلى غايتها آمنة مطمئنة فاختر لها الألواح الجيدة المتينة، وإلا فإنك لن تظفر إلا بسفينة هشة ضعيفة سرعان ما تحطمها الرياح، وتبتلعها المياه.
فالإسلام يسعى إلى إقامة المجتمع الفاضل المتماسك المتعاون الآمن في ظل كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا يدع فرصة تؤدي إلى قوته، وتزيد من منعته إلا هيأها واستغلها، والحج من أعظم المناسبات التي يجب على المسلمين استغلالها بما يعود عليهم بالخير والعز والنصر فهاهم قد تلاقوا في هذه الأرض التي باركها رب السماء، ويتلاقون كل عام، وذلك أنفى للشتات وأدعى للوحدة والوئام، وأحمل لهم على أن يتباحثوا ويبرموا الاتفاقيات، ويتبادلوا المنتوجات، ويتدارسوا المشكلات التي تشغل بال شعوبهم، وصولاً إلى الحلول المناسبة لها، واستشرافاً إلى المجتمع الإسلامي المتراحم المتعاون، وتحقيقاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
وعلى المسلمين عامة وولاة أمورهم خاصة أن يثقوا في دينهم وفي مقدرته على التصدي لمشكلاتهم وحلها حلاً جذرياً فيجعلوه عصمة أمرهم ومركز تجمعهم ونقطة انطلاقهم ومشرق شمسهم، ولا يذهبوا عنه وينظروا لغيره التماساً للحول والعلاج والرخاء فيكونون: