للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أطرف ما يروى في هذا الموضوع ما ذكره الأمام مالك في الموطأ بسنده.. إلى محمد بن سيرين:"أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبياً ونحن محرمان فما ترى؟

فقال عمر لرجل إلى جنبه: تعال حتى أحكم أنا وأنت قال: فحكما عليه بعنز. فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً يحكم معه. فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله: هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضرباً. ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} وهذا عبد الرحمن ابن عوف" [١٧] يشير عمر رضي الله عنه إلى الرجل الذي اشترك معه في الحكم.

مكان النحر وزمانه:

قال تعالى في شأن المكان الذي يجب أن تنتهي إليه الهدايا {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [١٨] . وقال عز من قائل المكان الذي يجب أن ينتهي إليه جزاء الصيد {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} . فصارت الآية الأولى أصلاً في كل هدي. والثانية أصلاً في كل دم وجب كفارة.

وقد جاءت السنة فأوضحت ما أجملته الآيتان السابقتان: فقد ورد في صحيح البخاري عن نافع رحمه الله "أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يبعث بهديه من جمع من آخر الليل حتى يدخل به منحر النبي صلى الله عليه وسلم مع حجاج فيهم الحر والمملوك " [١٩] .

وفي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر.." [٢٠] ..

وفي الموطأ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى: "هذا المنحر وكل منى منحر" وقال في العمرة: "هذا المنحر" يعنى: المروة وكل فجاج مكة وطرقها منحر" [٢١] .

يتضح من هذا النصوص مجتمعة عدة أمور: