للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرى الحنابلة: أن الهدايا توزع على المساكين من أهل الحرم خاصة والمراد بأهل الحرم هنا: كل من كان بالحرم وقت الذبح سواء كان مقيماً به أم لا [٥٨] .

ولم أجد أحداً غيرهم من الفقهاء قد خص أهل الحرم بالهدايا دون بقية المسلمين. بل ظاهر النصوص يفيد العموم. دون تفرقة بين مساكين الحرم وغيرهم. من ذلك ما يلي:

١- جاء في حديث عبد الله بن أرقط المتقدم وفيه "من شاء اقتطع".

٢- ما جاء في حديث ناجية الخزاعي وكان صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: "قلت: كيف أصنع بما عطب من البدن قال: انحره واغمس نعله في دمه واضرب صفحته [٥٩] وخل بين الناس وبينه فليأكلوه.." رواه الخمسة إلا النسائي [٦٠] . ومعلوم أن العطب قد يكون بالحرم وقد يكون في الحل، وفيه إباحة لكل موجود في ذلك الموضع أن يأكل منه.

٣- جاء في حديث عمرة الحديبية والصلح: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا.." رواه أحمد والبخاري وأبو داود [٦١] قال الإمام البخاري في صحيحه: "والحديبية خارج من الحرم " [٦٢] .

هذه الأحاديث وما ورد في معناها، بالإضافة إلى صيغة العموم المستفادة من الآيتين في قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} وقوله عز شأنه: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ} كلها تفيد: أن الهدايا ليست قاصرة على مساكين الحرم وحدهم بل هي من حق المساكين من عامة المسلمين سواء كانوا في الحرم أو خارجه.

نعم: أهل الحرم إن كانوا في حاجة إليها فهم أولى من غيرهم ممن هم خارج الحرم. وحتى على رأى من يرى أنها خاصة بأهل الحرم فإنها تتعداهم إلى غيرهم إذا عدم المستحقون لها داخل الحرم.