كما أنه لا ينافي وجود عصاة من المسلمين يخرجون عن عبادة الله في بعض تصرفاتهم وما يقع من المسلمين من الأعمال التي لا يقصدون بها وجه الله من المباحات، لأن الله تعالى أراد من عباده - شرعاً - أن يكون نشاطهم كله مبتغي به وجهه، سواء كان فعلاً - كالواجب والمندوب والمباح - أو تركاً- كترك المحرم والمكروه - وهي الأحكام الخمسة المذكورة في كتب أصول الفقه، ولا تخرج أفعال الإنسان وتروكه عن هذه الأحكام.
فإذا ابتغى الإنسان بذلك كله وجه الله فقد حقق معنى قول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} تحقيقاً كاملاً وإن قصر في شيء من ذلك فقد قصر في شيء خلقه الله من أجله.
والتقصير الحاصل من المخلوق لا يؤثر في الحصر الحقيقي الذي أراده الخالق سبحانه وتعالى من عبده شرعاً.
والنصوص الدالة على أن الله أراد من عبده أن يكون عابداً له في كل لحظة لا تحصى كثرة، ومنها قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .