لكن إتيان المال للمجموعة الآنفة من قوله تعالى {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} إلى {وَفِي الرِّقَابِ} وضع لها المفسرون شرط الحاجة من هؤلاء جميعاً إلى المال. أما من ملك المال وبخل به على نفسه فلا يعطى من مال غيره مهما كانت الصلة، {وَأَقَامَ الصَّلاةَ} ، إنه وإن كانت الصلاة هي قمة العبادات المؤداة بدنياً بعد رسوخ الإيمان قلبياً، فإن ترتيبها اللفظي في الآية لا ينقصها عن ترتيبها المعنوي الثابت لها على كل العبادات، لأن الآية ذكرت الأمور التي يتكون منها البر على صورة أقسام ثلاثة، كل قسم يضم مجموعة متحدة الغاية، فالمجموعة الأولى غايتها رسوخ اليقين في صدر المؤمن إلى قوله تعالى:{وَالنَّبِيِّينَ} ، ومجموعة القسم الثاني تنظيم المجتمع الإسلامي وإحكام صلته ببعضه ليتآخى فيستقر ويأمن وذلك من قوله سبحانه:{وآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ إلى.. وَفِي الرِّقَابِ} ، والقسم الثالث في آخر الآية غايته صقل النفس والتسامى بها لتتم لها السعادة بالعبادة الموجودة في هذه المجموعة، وبدأ سبحانه هذه المجموعة بإقامة الصلاة، ونلاحظ هنا أنه سبحانه لم يقل هنا، وصلى، أو: أدى الصلاة، لأن الذي يحرك جسده بالصورة المعروفة للصلاة، يكون قد صلى أو أدى الصلاة، ولو لم يتم ركوعها ولا سجودها، ولو جمعها جميعها آخر النهار وفعلها جملة واحدة يكون قد صلى أو أدى الصلاة، ولو صلاها في بيته وليس مع الجماعة يكون قد صلى أو أدى الصلاة، وهكذا، ولكنه في كل هذه الحالات لا يكون قد أقام الصلاة، وإقامتها شرط في قبولها، ولهذا كانت الآيات التي تحدثت عن الصلاة في القرآن من النذر ألا تذكر معها كلمة (إقامة) أو ما يشتق منها، فتجدها بالماضي (وأقام الصلاة) وبالمضارع (ويقيم الصلاة) وبالأمر (وأقم الصلاة) واسم الفاعل (والمقيمين الصلاة) ، وقد لخص تفسير الإقامة في أربع؛ أن تؤدى في أول وقتها وأن تكون مع الجماعة في المسجد، وأن تكون تامة كاملة الأركان