فرض أدوه ولا مستحب فعلوه فجنوا شر مخالفة الكتاب ومجافاة السنة بما نحن غارقون فيه اليوم وبما هو معروف للكل وإلى الله المشتكى. {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} ومشكلة الوفاء بالعهود والوعود في مجتمع مسلمي اليوم أمر آخر نتج عن تركه وعدم الوفاء بما يقال أو يتعهد به على مستوى الفرد والمجموع والحكام، أننا أصبحنا نعيش في بحر متلاطم قوامه عدم الصدق وفقدان الثقة وسوء الظن وعدم اطمئنان النفس إلى غيرها، حتى الوعود والعهود المكتوبة يتلاعب بها ويتحايل على نقضها، ويدخل في ذلك مواثيق المنظمات ومعاهدات الحكومات، ذلك لأن الأصل الملزم للوفاء بالعهد لم يعد موجوداً في الصدور، وهو خشية الله وخوف عقابه إذا وقع خلف الوعد أو خيانة العهد، وإنما ديدن اليوم أن يظل الوفاء ما ظل النفع الذاتي أو الخوف من ضرر يتوقع ويصبح العهد هباء إذا لم يخش من نقضه ضرر لدنياه، ولا على باله شيء من سوء عاقبة حتى يحيق المكر السيئ بأهله، وعندها فقط يتذكر العهد بعد فوات الوقت {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ} ، قالوا عن البأساء أصلاً إنه الفقر الشديد، على أنه المذل للنفس الإنسانية والمهين للكرامة البشرية بأكثر مما عداه مما يصاب به الإنسان، ولكن يدخل في البأساء أيضاً كل ما تبتئس به النفس وتكتئب فيما بعد الفقر الذي هو أشد ما يحزن ويبئس، فلا تجوز لمن يبتئس أن ييأس، فالحياة قلب وأيامها دول، وعليه أن يعتقد والصبر الجميل ستر مسدول عليه بأن الله سيجعل بعد عسر يسراً، وأن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر يسرين، لكن أقول والأسف شديد إن ضيق الصدر وضياع الصبر في مجتمعنا الحالي أصبح هو المهيمن على تصرفاتنا، وكأننا نريد أن نخضع الدنيا لهوانا وميلنا، ونسينا أن ما عسى أن نكرهه قد يكون خيراً لنا وأن العكس أيضاً قد يكون ولماذا نذهب بعيداً في التدليل بعدم الصبر، ونحن الآن في منى نعيش التجربة كاملة، أرأيتم ما يفعل