وقال ابن عبد الهادي:"وإني لأتعجب من السبكي كيف قلد الحاكم فيما صححه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الذي رواه في التوسل وفيه قول الله لآدم: (ولولا محمد ما خلقتك) ، مع أنه حديث غير صحيح ولا ثابت بل هو حديث ضعيف في الإسناد جداً، وقد حكم عليه بعض الأئمة بالوضع وليس إسناده من الحاكم إلى عبد الرحمن بن زيد بصحيح بل هو مفتعل على عبد الرحمن ولو كان صحيحاً إلى عبد الرحمن لكان ضعيفاً غير محتج به لأن عبد الرحمن في طريقه. وقد أخطأ الحاكم وتناقض تناقضاً فاحشاً كما عرف له ذلك في مواضع، فإنه قال في كتاب الضعفاء بعد أن ذكر عبد الرحمن منهم وقال: ما حكيت عنه فيما تقدم أنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه. ثم قال في آخر هذا الكتاب: فهؤلاء الذين قدمت ذكرهم قد ظهر عندي جرحهم لأن الجرح لا يثبت إلا ببينة، فهم الذين أبين جرحهم لمن طالبني به فإن الجرح لا أستحله تقليداً والذي أختار لطالب هذا الشأن أن لا يكتب حديث واحد من هؤلاء الذين سميتهم فالراوي لحديثهم داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين "هذا كله كلام الحاكم أبي عبد الله صاحب المستدرك، وهو متضمن أن عبد الرحمن بن زيد قد ظهر جرحه بالدليل وأن الراوي لحديثه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم:"من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " ثم إنه رحمه الله لما جمع المستدرك على الشيخين ذكر فيه من الأحاديث الضعيفة والمنكرة بل والموضوعة جملة كثيرة وروى فيه لجماعة من المجروحين الذين ذكرهم في كتابه في الضعفاء وذكر أنه تبين له جرحهم، وقد أنكر عليه غير واحد من الأئمة هذا الفعل وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره فلذلك وقع منه ما وقع وليس ذلك ببعيد ".