قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وهذه الحكاية منقطعة فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً ولا سيما في زمن أبي جعفر المنصور فإن أبا جعفر توفي سنة ١٥٨هـ وتوفي مالك سنة ١٧٩ هـ وتوفي ابن حميد سنة ٢٤٨هـ ولم يخرج من بلده في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه، وهو مع هذا ضعيف عند أكثر أهل الحديث، كذبه أبو زرعة وابن وارة وآخر من روى الموطأ عن مالك هو أبو مصعب الزبيري وتوفي سنة ٢٤٢هـ وآخر من روى عن مالك على الإطلاق هو أبو حذيفة أحمد بن إسماعيل السهمي توفي سنة ٢٥٩هـ وفي الإسناد المذكور أيضاً من لا تعرف حاله ".
قال ابن عبد الهادي في الصارم المنسكي في الرد على السبكي:"والمعروف عن مالك أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وهذه الحكاية التي ذكرها القاضي عياض ورواها بإسناده عن مالك بصحيحه عنه وإسنادها مظلم منقطع مشتمل على من يهتم بالكذب وعلى من يجهل حاله، وابن حميد ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته ولم يسمع من مالك شيئاً ولم يلقه، بل روايته عنه منقطعة غير متصلة ".
قال إسحاق بن منصور:"أشهد على محمد بن حميد وعبيد بن إسحاق العطار بين يدي الله أنهما كذابان "، وقال أبو زرعة:"كان يكذب "، وقال ابن حبان:" ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبة ولا يسما إذا حدث عن شيوخ بلده "، فإذا كانت هذه حال ابن حميد عند أئمة هذا الشأن فكيف يقول السبكي في حكاية روايتها منقطعة إسنادها جيد، مع أن في طريقها إليه من ليس بمعروف وقد قال السبكي بعد أن ذكرها وتكلم على روايتها:"فانظر هذه الحكاية وثقة رواتها وموافقتها لما رواه ابن وهب عن مالك "، هكذا قال السبكي.
والذي حمله هو ومقلدوه على ارتكاب هذا السقطة قلة علمه بهذا الشأن وارتكاب هواه، والذي ينبغي أن يقال: فانظر إلى هذه الحكاية وضعفها وانقطاعها ونكارتها وجهالة بعض رواتها ونسبة بعضهم إلى الكذب ومخالفتها لما ثبت عن مالك وغيره من العلماء.