وبالجملة من رزق الفقه في الدين يدرك تماماً إن باب الولاية أوسع مما يظنه كثير من العوام وأشباه العوام الذين ضيقوا مفهوم الولاية بل غيروه فحصروا الولاية في بيوت معينة أو أشخاص معينين. يتظاهرون بالدروشة. وخفة العقل. ومباديء الجنون أحياناً ويهذون هذياناً وربما أخبروا الناس عن مكان الضالة وعن بعض الحوادث التي تقع في أماكن بعيدة عن أماكن وجودهم بواسطة شياطينهم التي تنقل إليهم الأخبار من أماكن بعيدة صادقة أو كاذبة. هذا هو مفهوم الولاية عندهم ولا يخفى وجه خطأ هذا المفهوم. وقد استغل القوم جهل العوام فأثبتوا لأنفسهم منصباً وراثياً يرثه الأبناء عن الآباء فينتقل إلى الأبناء بطريقة أوتوماتكية (تلقائية) لأن القاعدة تقول كل من كان أبوه ولياً لا بد أن يكون ولياً ولا محالة. لأن الولاية عندهم غير مقيدة بقيود مكتسبة كالعلم والصلاح والتقوى. بل إن واقعهم على العكس من ذلك إذ يتصفون بالجهل والجرأة على الله والخروج على شرعه الابتداع في دينه وكراهة أوليائه وأهل طاعته من العلماء العاملين والدعاة الغيورين.
" أقسام الأولياء "
يتضح لنا مما تقدم أن الأولياء ينقسمون إلى قسمين:
١- أولياء الرحمن الذين تقدم الحديث عنهم وتولى القرآن تعريفهم. وهم الذين تولى الله أمرهم ووفقهم وتفضل عليهم بالكرامات التي من أعظم أنواعها: معرفة الحق واتباعه والاستقامة عليه الاستقامة التي تنتهي بالعبد إلى دار الكرامة الجنة (نسأل الله من فضله) .
٢- أولياء الشيطان الذين وثقوا صلتهم بالشيطان ونظموا معه حياتهم بعد أن قطعوا صلتهم بالله أو ضعفت على الأقل إذ لا يقع العبد في ولاية الشيطان وحزبه مع قوة صلته بربه أبداً. والله المستعان.
وكما أن أولياء الرحمن تتفاوت درجاتهم عند الله. كذلك يتفاوت أولياء الشيطان في بعدهم عن الله. وذلك أمر معروف بحيث لا يحتاج إلى دليل.