للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرب هو المبدي: والمبدي هو الذي ابتدأ الأشياء كلها، لا عن شيء فأوجدها - ويقال بدأ وأبدأ - ويقال بادىء ومبدىء [٣٩] ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [٤٠] فهذا من البادىء، ويقول تعالى: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} [٤١] وهذا من المبدىء.

والرب سبحانه هو المبدي إذ هو الأول أي متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها [٤٢] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه إذا أوى إلى فراشه ".. أنت الأول فليس قبلك شيء". فمن يعتقد أن هناك مبدياً غير الله تعالى لشيء من الخلق فقد أشرك مع الله تعالى في الربوبية.

والرب هو المعيد: والمعيد هو الذي يعيد الخلائق كلهم ليوم الحساب كما أبدأهم [٤٣]- ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [٤٤] .

والرب سبحانه هو المعيد إذ هو الآخر أي المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها [٤٥]- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة السابق:".. وأنت الآخر فليس بعدك شيء"- فمن يعتقد أن هناك معيداً- غير لله تعالى- لشيء من الخلق فقد أشرك مع الله تعالى في الربوبية.

والرب هو المحيى المميت: فالمحيى الذي أحيا الخلق بأن خلق فيهم الحياة، وأحيا الموات بإنزال الحيا وإنبات العشب، وعنهما تكون الحياة [٤٦] .

والمميت الذي خلق الموت كما خلق الحياة، لا خالق سواه، استأثر بالبقاء، وكتب على خلقه الموت [٤٧] .

وإذا كان الرب سبحانه هو وحده خالق الحياة وخالق الموت، فلم يخاف العبد من غير ربه جل وعلا؟ أليس يقول سبحانه {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [٤٨] .