أليس من الإنصاف، بل ومن حق البحث العلمي، بل ومن لازم الاحتياط للدين وللعلم ولتجنب نقد الآخرين أن ينظر الباحث فيما قدمه الطرفان من بحوث واستدلال وتعليل؛ حتى يكون على بصيرة من أمره؛ فيبدي رأيه ويقدم نتيجة اجتهاده بعد تأمل ونظر عميق؟ ...
أعتقد ما فيه أحد يخالفني فيما قلت هنا..
إذاً فما الذي حال بين الشيخ وبين النظر والتعمق في التحقيق؟.. هل خفيت عليه تلك المراجع العظيمة والمباحث الهامة النفيسة؟.. لا أعتقد ذلك، فالجواب عند فضيلته.
ومن ذلك أيضاً أنه سطّر أكثر من صفحة من كتابه في إثبات جواز شد الرحال للتجارة وللسياحة ولزيارة الأقارب والأصدقاء الأحياء، ولطلب العلم، وراح فضيلته ينقب عن الأدلة التي تثبت جواز السفر لهذه الأمور، كأن أحداً من خلق الله زعم أن السفر لهذه الأشياء غير جائز، وقصد فضيلته - حسب ظني، وعسى أن لا يكون هذا الظن صواباً - إرادة التهويل أمام السذج؛ لأنه قال بعد كلامه المتعلق بإثبات جواز السفر لهذه الأمور: فيكون السفر لزيارة الرسول من ضمنها، ولأنه رتَّب ذلك على قوله - بالمعنى لا بالنص -: إننا لو أخذنا بظاهر الحديث - على ما فهم ابن تيمية - لأدى بنا ذلك إلى تعطيل مصالح الناس والحجر عليهم بتحريم ما أحله الله من الأسفار للأمور المشار إليها.
وقد سبق أن قلنا لفضيلته: إنه لا يصح الخلط بين أمور الدين التي أمر الشرع بها أو نهى، وبين أمور الدنيا المباحة، ولا الخلط بين ما نهى عنه الرسول - عليه السلام- وبين ما بقي على الأصل والبراءة، ولا الخلط بين أمر يتعلق بالأماكن والعبادات، وبين أمور تتعلق بالأغراض الدنيوية والمقاصد العادية.
ونسأل الشيخ فنقول: هل مشروعية أو جواز شد الرحال خاص بقبر الرسول - عليه السلام - أم عام لقبور الصالحين والعلماء مثلاً؟.. أم عام لجميع مقابر المسلمين؟.