وهذا الذي يجعل كثيراً من كبار رواد العلم المختصين في العصر الحديث يرتقون بتفكيرهم من دائرة اختصاصهم في الكيمياء أو الفيزياء أو الحياة أو الفلك.. إلى الاعتقاد بوجود إله قدير عليم، وإن القصور عن إدراك أبعاد البحوث الفلسفية الحديثة هو الذي دعا بعض الكتاب إلى التورط الخاطئ فيما سموه نقد الفكر الديني، وخاصة في تطبيقه على الإسلام.
إن التفكير الإسلامي - بتأثير مباشر من القرآن والسنة - حدث في طرائق البحث العلمي تغييرا جذريا عميقاً بالغ الأهمية؛ ذلك أنه بدل المنهج التأملي الذي كان ينهجه اليونان، والذي يعتمد على مجرد التصور العقلي والقياسي المنطقي المجرد، وأقام المنهج التجريبي ولا سيما في مجال علوم الطبيعة والعلوم الاجتماعية، وجعله المنهج الأساسي في ميدان البحوث الطبيعية في الطب والكمياء والفيزياء والفلك وغيرها.
وعن المسلمين نقل علماء الغرب العلوم الرياضية والطبيعية والمنهج التجريبي؛ فقد ترجموا كتب المسلمين في هذه العلوم وهي مبنية على المنهج التجريبي، وعن المسلمين أخذ فرنسيس بيكون الذي يعتبره أوربا مؤسس الطريقة التجريبية، ولم تكن النهضة الأوربية التي سبقت العصر الحديث إلا نتيجة لترجمة التراث العلمي الذي أنتجه وأبدعه المسلمون، والطريقة التجريبية التي يقوم عليها بحوثهم، ولم يكن هذا الاتجاه في تقدم علوم الطبيعة والمنهج التجريبي لدى المسلمين إلا أثرا من آثار الإسلام وتوجيه القرآن والسنة.
كتاب (الإسلام والفكر العلمي)
للأستاذ/ محمد المبارك
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".