للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة النبوية بالمعنى المتقدم - ما أضيف للنبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال والتقريرات - هي أحد قسمي الوحي الإلهي الذي نزل به جبريل الأمين على النبي صلى الله عليه وسلم، والقسم الثاني من الوحي هو القرآن الكريم.

فالسنة النبوية من الوحي، بذلك نطق الكتاب العزيز {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى} [٥] ، وبذلك جاءت السنة نفسها؛ فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه، عن المقدام بن معد يكرب أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه" [٦] .

يقول المنذري في مختصر السنن: وأخرجه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.

يقول الإمام الخطابي في معالم السنن: "قوله "أوتيت الكتاب ومثله معه" يحتمل وجهين من التأويل، أحدهما: أن يكون معناه: أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطى من الوحي الظاهر المتلو.

ويحتمل أن يكون معناه: أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى، وأوتي من البيان، أي أذن له أن يبين ما في الكتاب ويعم ويخص، وأن يزيد عليه فيشرح ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن.

وقوله: "يوشك شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن" فانه يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له في القرآن ذكر، على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض؛ فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا.