فالحاصل أن أهل الحديث - كثر الله سوادهم، ورفع عمادهم - لهم نسبة خاصة ومعرفة مخصوصة بالنبي صلى اله عليه وسلم لا يشاركهم فيها أحد من العالمين، فضلا عن الناس أجمعين؛ لأنهم الذين لا يزال يجري ذكر صفاته العليا وأحواله الكريمة وشمائله الشريفة على لسانهم". اهـ بتصرف [١٦] .
فضل نشر الحديث وروايته:
روى أبو داود بسنده عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى بلغه؛ فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" [١٧] .
قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه من حديث عبّاد والد يحيي عن زيد بن ثابت. اهـ[١٨] .
وروي: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها".
وفيه روايات عدة لهذا الحديث.
قال سفيان بن عيينة: "ليس من أهل الحديث أحد إلا في وجهه نضرة لهذا الحديث".
يقول الإمام الخطابي:"في قوله "نضر الله " معناه: الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة، يقال بتخفيف الضاد وتثقيلها، وأجودهما التخفيف.
وفي قوله:"ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه" دليل على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد قطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوب التفقه والحث على استنباط معاني الحديث، واستخراج المكنون من سره". اهـ.
وقد قيل في قوله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}[١٩] ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من ذلك؛ لأنه لا إمام لهم غيره صلى الله عليه وسلم [٢٠] .