وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح بمكة (توفي ببغداد ١٥٠ وقيل: ١٥١)[٥١] ، وصنف أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام (١٥٦هـ) ، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة (توفي ١٦١ هـ) ، وحماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة بالبصرة (نوفي ١٧٦هـ) ، ومعمر بن راشد باليمن (المتوفى ١٥٣هـ) ، وجرير بن عبد الحميد بالري (توفي ١٨٨هـ) ، وعبد الله بن المبارك بخراسان (المتوفى ١٨١هـ) .
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث الني صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين؛ فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا (توفي ٢١٣هـ) ، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا (توفي ٢١٢هـ) ، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزبل مصر مسندا.
ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء.
ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا، كأبي بكر بن أبي شيبة.
ولما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والحسن، والكثير منها يشمله التضعيف؛ فحرك همته لجمع الحديث الصحيح، وقوى همته لذلك ما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم:"لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح". انتهى [٥٢] .
يقول السيوطي: "وهؤلاء المذكورون في أول من جمع كلهم من أثناء المائة الثانية".